تتواصل حمى التسريبات التي تستهدف مؤسسة رئاسة الجمهورية منذ أشهر بعد تصاعد وتيرة الشقاق بين الرئاسات الثلاث في تونس وتفاقم الخلافات و طول أمدها.
و بعد تسريب تسجيلات صوتية لعدد من السياسيين في تونس تم توثيق بعضها في جلسات خاصة- يبدو أنها لم تؤتي أكلها- اختلف الأسلوب هذه المرة ليتولى موقع بريطاني تسريب وثيقة من الخارج وصفها بالسرية المطلقة تَشِي بتخطيط رئيس الجمهورية قيس سعيِّد لما وصفه الموقع بإنقلاب دستوري و تفعيل الفصل 80 من الدستور و الذي يخول له الإنفراد بمختلف السلط في تونس.
و في ساعة متأخرة من مساء أمس نشر موقع Middle East Eye البريطاني خبرا بعنوان “سري مطلق : وثيقة رئاسية تونسية سرية للغاية تحدد الخطوط العريضة لخطة “الديكتاتورية الدستورية”.
وقد لاقى المقال المرفق بوثيقة موجهة من مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة صدى كبيرا وردود فعل مختلفة من السياسيين في تونس و تداولته آلاف الصفحات على الفايسبوك في وقت وجيز.
ياسين العياري يدعو رئاسة الجمهورية لمقاضاة الموقع البريطاني
و أكد النائب بالبرلمان ياسين العياري على هامش جلسة عامة تنعقد اليوم الإثنين أن تسريب هذه الوثيقة محاولة سخيفة وضحلة لتوريط رئيس الجمهورية.
وقال ياسين العياري “مازلنا ما سمعناش بحد يحب يعمل انقلاب بوثيقة مخدومة بال”word” هذه جديدة”.. حسب تعبيره .
و تابع العياري قوله ” نعم رئيس الجمهورية لديه نزعة تسلطية و يريد أن تكون كل السلطات في البلاد بيده و لكن البناء على وثيقة بتلك الشكل ليس معلوما من وضعها و مكتوبة بركاكة شديدة ولا ترقى لمرتبة الوثيقة ليس منطقيا ولا مقبولا”.
و أضاف النائب أن الكلام الذي جاء في تلك الوثيقة ليس سريا وسبق لمحمد عبو أن صرح به عقب خروجه من الوزارة و لا يمكن أن يكون هناك أي صلة بين رئيس الجمهورية وتلك الوثيقة حسب قوله.
وشدد العياري على ضرورة تنقية المناخ السياسي في تونس لأن الوثائق و التسريبات و السباق المحموم عليهما لا يمكن أن يخدم مصلحة تونس التي تمر بوضعية تعيسة .
ودعا رئاسة الجمهورية لضرورة مقاضاة هذا الموقع البريطاني لمنعه ومنع غيره من المواقع الأجنبية من التدخل في الشؤون الداخلية لتونس.
موقف حركة النهضة من الوثيقة المسربة
النائب عن حركة النهضة فتحي العيادي أكد بدوره أن تلك الوثيقة ليست سرية و ما نطقت به سبق و أن نطق به العديد من السياسيين في تونس قبل فترة اشتداد الخلاف بين الرئاسات وبين النخب السياسية .
و أوضح أن هذه الوثيقة فصلت فقط بعض الإجراءات المطلوب اتخاذها ولكنها أفكار قديمة في ثوب جديد حسب قوله.
ودعا القيادي في النهضة “من يدعون لهذه الخيارات أن يأتوا إلى الحلول الصحيحة التي تحتاجها تونس في هذه المرحلة لأن هذه الخيارات لا تفيد تونس وثورتها”.
بإنتظار رد رئاسة الجمهورية على الإتهامات
وفي انتظار رد رئاسة الجمهورية التي تواصل صمتها بخصوص الوثيقة المسربة يكفي أن نستحضر ردا من الرئيس الحالي قيس سعيِّد و الذي تم سؤاله في سنة 2017 بصفته أستاذا للقانون الدستوري بشأن حمى تسريبات اجتماعات خاصة تابعة لحركة نداء تونس انذاك.
و كان رد سعيِّد انذاك كالتالي “لعل أهم نتيجة يمكن استخلاصها سواء تعلق الأمر بعدد من التنظيمات الحزبية أو بالدولة هو وجود صراعات بين أجنحة فيها، ففي الظاهر تبدو هذه الأحزاب وهذه المؤسسات متماسكة في العموم حول رفض الآخر ولكنها ليست في الواقع كذلك بل إذا كان يجمعهم الرفض في الظاهر فإن قلوبهم شتّى كل يحاول من الموقع الذي هو فيه أن يستفيد بصفة منفردة من المكان الذي يحتله أو من المكان الذي يرتّب أن يكون فيه”…
فهل يختلف رد رئاسة الجمهورية هذه المرة بعد أن أصبحت هذه التسريبات تستهدف عقر دارها..؟