غيب الموت المربية ،الفيلسوفة والشاعرة ابنة جزيرة جربة عفيفة الحاج حسن بعد صراع طويل مع المرض ورغم هذا الاخير رافقها لسنوات طويلة وانهك جسدها غير ان الراحلة قاومته بشجاعة وايمان كبيرين لتواصل رحلتها الابداعية بين الشعر والفلسفة .
** رحلة خالدة بين التعليم والادب وتجدر الاشارة الي ان الراحلة من مواليد 25 افريل 1965 بجزيرة جربة وخريجة كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس ،متحصلة على الماجستير في الفلسفة وعملت استاذة لهذه المادة منذ سنة 1999 ليكون معهد مدينة جربة حومة السوق اخر محطة لها في التعليم وكتبت الشعر بمختلف اجناسه وخاصة قصيدة النثرمنذ تسعينات القرن الماضي . صدر لها ديوان شعر بعنوان اي كنز تمتلكه عيناك سنة 2010 وفي طبعة ثانية سنة 2019 وديوان ثاني بعنوان هكذا تحدث الطين قال …في شهر جانفي سنة 2014وديوان ثالث محاولات اولي لتهجي الكتابة الشعرية بعنوان كلام الزيزيفون في شهر مارس 2014 ودراسة فلسفية خلال سنة 2019 بعنوان انطولوجيا الحرية بين التحليل المفهومي والتصور الفني من خلال بعض اجزاء الوجود ومن خلال مسرحية الذباب لسارتر وكتبت هذه الكلمات في باب الاهداء اهدي هذا العمل الي كل من زوجي العزيز احمد العكروت واختي الغالية سعيدة الحاج حسن ،اللذين ما ادخرا جهدا لتشجيعي على اتمامه رغم المنغصات العديدة والمتواصلة التي فرضها .مرضي العضال علي
* شهادات عن الراحلة عفيفة الحاج حسن الاستاذ محمد الباشا رجل الثقافة بولاية مدنين قال عن الراحلة انها جمعت بين التخصص في مادة الفلسفة مذكرا انها ارسلت اليه منذ سنوات مخطوط اطروحة لنيل شهادة الدكتورة درجة ثالثة من خلال المسرح والي جانب الفلسفة جمعت عشقا بلا حدود للفنون والاداب وعنوان اطروحة الدكتورة شاهد على هذا التعلق الفكر الوجودي من خلال المسرح ،كما انها لم تكن تتغيب عن التظاهرات الادبية التي يقع تنظيمها بجزيرة جربة وفي مقدمتها ملتقي فريد غازي للادب العربي وتشارك في دوراته مشاركات متميزة . واضاف الاستاذ الباشا ان المرحومة جربت الكتابة الادبية من خلال تنظيم القصايد الشعرية التي جعلت الفكر فيها ملهما للابداع ،تلك كانت فيلسوفة الادباء واديبة الفلاسفة المرحومة عفيفة الحاج حسن ستبقي بصمتها ثابتة في كل نشاط فكري او ثقافي في هذه الربوع وفي تونس عامة فقد كانت نجمة متلالية في سماء هذه الارض واحر التعازي لزوجها الاستاذ الباحث احمد العكروت ولابناءها سحر ،فداء ووجد ولعايلتها ولكل من يعرفها من قريب او من بعيد . اما الشاعرة ربيعة مارس الاستاذة في اللغة والاداب العربية افادت انها تعرفت والتقت بالراحلة في ملتقى إضاءات اللوتس الذي انعقد بجزيرة جربة يومي 11 و 12 جانفي 2020 . وكانت أستاذة الفلسفة والشاعرة عفيفة الحاج حسن تتحرك بهدوء وبطء غريبين لافتين .. توجهت نحو المنصة في اليوم الأول و قبل أن تلقي مداخلتها الشعرية طلبت أن يعم الهدوء القاعة …احترم الجميع رغبتها مع فضول غريب .. كان الهدوء هو ما تحتاج إليه دون أن أدرك سبب ذلك و كان أيضا ما نحتاج إليه لنغوص مع أشعارها وصورها الكثيفة العميقة …كانت الأبعاد الفلسفية مثيرة للدهشة ..داعية للتفكير والتأمل .. لون مغاير من الشعر تفردت به هذه الشاعرة وتميزت فيه .. في اليوم الثاني وبعد خروجنا من النزل دعانا راعي هذا الملتقى المثقف الخلوق قيس بالحاج لاحتساء فنجان قهوة ومواصلة متعة الشعر ونشوة الإلقاء والاستماع …ورغم حالة التعب التي كانت عليها الأستاذة عفيفة الحاج حسن فإنها لم تشأ أن تفوت على نفسها وتحرمنا من حضور الأمسية .. وأنا أساعدها على الجلوس في المقعد الامامي لسيارتي كشفت الغموض و صرحت بما تعانيه ..زلزلنا الخبر لكنها ظلت هادئة هدوءا لم نملك سوى أن نشعر إزاءه بكثير من الاحترام والتقدير لهذه القوة الكبيرة التي لم يهزمها السرطان اللعين .. وصلنا إلى المكان وانقضت الساعات بسرعة ومع كل لحظة كان شعورنا بتقدير هذه الشخصية الفريدة يتعاظم .. عند انتهاء الأمسية ولما وضعت يدي في يدها للسلام تمسكت بها وقالت : لقد قضيت معكم أجمل الأوقات ..وإن كتب لنا اللقاء مرة أخرى أو صادفتموني مرة أخرى ولم أعرفكم لا تغضبوا مني ولا تظنوا أني أتجاهلكم …فإن هذا المرض يجعلني أنسى الوجوه والكثير من الأحداث ..تعالوا إلي وذكروني بكم ودعوني أتعرف إليكم من جديد .. كانت تقول ذلك ويدها لم تترك يدي وقلبي يذوب ألما وأنا أسمع كلماتها وأراقب دمعة متيبسة في عينها ترفض النزول كأنها عذراء تأبى السقوط .. أضافت أن الشعر والقراءة وسيلتها في اكتساب القوة ومواجهة مرض السرطان الذي ابتليت به .. غادرناها يومها وماغادرتنا هي .. قوتها الكبيرة ظلت عنوان أحاديثنا كلما تذكرناها .. وها هي العفيفة تسلم للموت قيادها بصبر وتجلد وقوة بعد أن حفرت اسمها كشاعرة قديرة وامرأة عظيمة مقتفية خطى الرجل العظيم قيس بالحاج الذي سبقها لملاقاة الرفيق الأعلى. رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته وألهم أهليهما ومحبيهما جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
* ميمون التونسي