انتضمت اصبوحة ثقافية بمركز أليف بمنطقة الرياض بمدينة جربة حومه السوق يوم امس السبت 3اوت 2024 عانقت الاصبوحة الإبداع فزاوجت بين النقد والشعر . قدمت المدخلات حول رواية ونيس للكاتبة المبدعة ابنة الجزيرة منية الفرجاني الأستاذة مبروكة حلاب والأستاذة الشاعرة ربيعة مارس والكاتب الناقد شوقي الصليعي…
حسب ما افادت به نائبة رئيسة الجمعية مشكاة الجزيرة للثقافة والفنون الشاعرة المبدعة نجاة نوار التي نظمت هذا اللقاء بالشراكة مع دار الثقافة فريد غازي جربة حومة السوق عن هذا الكتاب الجديد لابنة الجزيرة المبدعة منية الفرجاني دونت وكتبت نجاة نوار هذا الراي وهذه الانطباعات == “عارٌ على الجسدِ أن يسقط صريعا بينما الرٌوحُ مازالت تقاتل”== جوزي جيلبرت هولاند *️جدليّة فناء والبقاء في رواية وْنيس/ منية الفرجاني كل عمل سرديّ مهما امتدت صفحاته وتعدّدت فصوله لا بدّ أن تختزله ضرورةً جملةٌ سحريةٌ واحدةٌ …جملة شعرّية قصيرة مكثّفة .
.فكرة مركّزة تقول بالنّهاية كاتِبها ( سارِدا) أو ( كاتبا).
وأنا أجوس فصول ونيس برهبة اوحت لي بها مناخاتها التي انفتحت على رائحة الموت والمرض واليأس بدأت تتشكل بالذهن فكرة انشغال الكاتبة بثنائية الفناء والبقاء ..الموت ذاك القدر الأسود الذي يتربص بألوان الحياة وبهجتها.. إنه هاجس الإنسان منذ الأزل ..عدوّه الأوحد الذي ما فتئ يعدّ له ما استطاع من سبل لهزيمته والانتصار عليه..وتحقيق خلود مشتهى… فيضحي شبحُ الموتِ هاجسَ السّاردة هنا وعدوّها الأوحد بعد ان اختطف أقرب مخلوق لقلبها وروحِها- أُمُّها- التي غلّفت الأسرارُ انسحابها الصّامتَ من كرنفال الحياة ..نبشت الكاتبة في حِيل السّرد وارتأت أن تهزم فناء الجسد ببقاء الروح .
فبعثت بها في جسد النص خفيفة رشيقة بعد تخَلُّصِها من ثِقل الجسد وقيوده..سليمة معافاة من كل الامراض والتشوهات ظِلّ تبعث به السّاردة في بيت يضمّ بين جنباته بضعا منها – ابنتُها- تراقبها و تؤنسها وتحرسها ..تحيا معها..و فيها. حضور روح حبيبة بالنّصّ جعل السّرد سيرياليّا رغم الواقعيّة السّحرية التي انطبعت بها الجمل والفقرات والفصول والتي تثير وجدان القارئ وتشد حواسه. فالمضمون إنساني كوني يلخّص صراع الإنسان ضدّ الأمراض القاتلة واختارت الكاتبة ان يكون هنا ( السرطان) ولإكساب النصّ بعدا دراميّا اختارت للمريضة طريقة مخصوصة لمقاومة هذا الوحش الكاسر.. وهي الصّمتُ والكتابةُ… استسلام تراجيدي وتعايش فنتازي مع قاتل محترف… فتك بالمآت بل بالآلاف ولا يزال.. وسط عالمها الصّامت وامعانا في التراجيديا خلقت السّاردة أصواتا تحاورها وتؤنسها..وكان ونيس صَفِيّها وصندوق أسرارها….صمت وصوت .. صمت بشري اختاري وصوت جماد اضطراري.. حياة وموت ..فناء الجسد وبقاء الروح. إشارة ذكية إلى أن الجماد البارد أرحم و أرأف من بني البشر على بني جلدتهم..وإلى أن الوحش الحقيقي والقاتل المحترف لم يكن ” الورم الخبيث” بل الإهمال البشري الفظيع والقسوة اللامتناهية..دراما سردية غاصت عميقا في أوجاع النساء ونكأت جراحا طرية.. نلاحق بانبهار خيط السرد الذي تفننت الكاتبة في نسجه فيلتبس الواقع بالخيال و الخيال بالواقع .. وكأني بالكاتبة تتقاطع مع قولة ماريو بارغاس يوسا :”أن كل رواية هي كذبة تحاول أن تكون حقيقة ” لتقول بطريقتها بأن الرواية فنّ يعتمد لعبة الخيال ليقاوم الفناء محققا خلود الروح وبقاء الفكرة.
*ميمون التونسي