بالأرقام ..  كيف واجهت الوجهة السياحية جربة-جرجيس التغيرات السياسية والأمنية  في البلاد ؟

In الأخبار, جهوية On
- تم تحديثه في

المشهد هوذاته كل صائفة في جزيرة جربة، آلاف السياح يتجولون وسط أسواق مدينة حومة السوق لقضاء العطلة الصيفية، مشهد ظلّ مألوفاً في جزيرة  الأحلام  خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية بالرغم من مجمل التغيرات السياسية والأمنية التي شهدتها بلادنا .

وكغيره من القطاعات الأخرى  في تونس،  تأثر القطاع السياحي في جربة كبقية الوجهات السياحية بسبب الظروف الأمنية، ولكن هذا التأثير ظلّ، وفقا للأرقام، نسبيًا خاصة خلال أشهر جوان وجويلية وأوت من كل عام.

وتعتبر المنطقة السياحيّة جربة- جرجيس الوجهة السياحية الأولى بتونس، بطاقة استيعاب تقدر بـ 55426 سريرا، وبأكثر من186 مؤسسة سياحية  من مجمل 875 وحدة في كامل البلاد، بحسب أرقام الديوان الوطني التونسي  للسياحة لسنة  2022 .

وخلال السنوات الثلاث عشرة الأخيرة شهدت بلادنا عدة محطات سياسية وأمنية كبيرة، انطلاقا من ثورة الـ 14 من جانفي التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي مرورا بمختلف العمليات الإرهابية التي شهدتها  تونس وصولا إلى الإجراءات الاستثنائية التي أقرها الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من جويلية من سنة 2021.

وأثرت أغلب هذه المحطات السياسية والأمنية على  الواقع السياسي والاجتماعي للتونسيين .

ولعشرات السنين  ظلت  جربة من بين أهم  الوجهات السياحية المفضلة للسياح الأوروبيين  بسبب تنوع المنتوج السياحي الذي  لا يقتصر على الشمس والبحر فقط، وإنما يشمل أيضا موروثا تقليديا من مساجد وكنائس وأحواش جربية  قديمة .

وقال هشام المحواشي، المندوب الجهوي للسياحة في مدنين لأوليس أف أم” جربة هي الوجهة المفضلة  للفرنسيين والألمان،  إذ تحتل السوق الفرنسية المرتبة الأولى من حيث عدد الوافدين ثم السوق الداخلية في المرتبة الثانية  وفي المرتبة الثالثة تأتي السوق الألمانية. ويمكن القول بأن هذا العام يمثل بداية عودة هذه السوق إلى  الوجهة السياحية جربة- جرجيس ” .

وتسمى جزيرة جربة بجزيرة التعايش، وتعتبر  مثالا فريدا لتعايش العرب مع الأمازيغ والمسلمين مع اليهود إضافة إلى تعايش سلمي بين  المذهب الأباضي والمالكي .

2011 ..سنة التغيرات السياسية

 تشير أرقام المندوبية الجهوية للسياحة في مدنين إلى أن  سنة   2008 تعتبر إلى غاية الآن السنة المرجع في  عدد السياح  وعدد الليالي  المقضاة بالوجهة السياحية جربة -جرجيس .

ودائما ما تقارن أعداد السياح الوافدين والليالي المقضاة في كل عام بسنة 2008 لكونها السنة التي حققت فيها تونس أعلى نسبة نمو في القطاع السياحي قبل الثورة .

وفي سنة 2011 شهدت  تونس عدة أحداث سياسية أولها  ثورة الـ 14 من جانفي التي أطاحت  بالرئيس زين العابدين بن علي، تلتها أحداث سياسية وأمنية كبرى بالبلاد أثرت سلبا على الاقتصاد التونسي والقطاع السياحي .

في  المنطقة السياحية جربة -جرجيس تراجع عدد السياح الوافدين  سنة 2011  إلى  قرابة الـ 531  ألف وافد  بعد أن كان العدد أكثر من مليون و466 ألف وافد سنة 2008 .

 كما سجل عدد الليالي المقضاة سنة 2011   تراجعا بأكثر  من 60  بالمائة بالمقارنة بسنة 2008 .

سنة 2011 كانت الهزة التيعرفتالاستثناءولكنبقيةالأحداثالسياسيةالأخرىلمتؤثربالمثلفياستقطابالسياح

نمو القطاع السياحي تزامنا مع عودة الاستقرار السياسي 

هذه الأرقام سرعان ما شهدت ارتفاعا خلال الموسم الموالي ( 2012 ) حيث ارتفع عدد الليالي المقضاةإلى  أكثر من 7 مليون ليلة فيما تجاوز عدد السياح المليون  خلال  نفس  السنة .

 

وقد يرجع هذا التحسن في الأرقام إلى مرحلة الاستقرار  السياسي النسبي الذي شهدته تونس  بعد عام من الأحداث السياسية في البلاد إضافة إلى تركيز حكومة حمادي الجبالي بعد مرحلة الانتخابات التشريعية للمجلس التأسيسي .

بدوره أشار  المندوب الجهوي للسياحة في مدنين إلى أن التراجع النسبي لعدد السياح بسبب التغيرات السياسية والأمنية في تونس هو أمر طبيعي

وأضاف المحواشي ” دائما ما نجد ارتدادًا مباشرا وحينيا  في علاقة بعدد السياح خلال الأزمات،  وفي المقابل تبين الأرقام الرسمية قدرة القطاع السياحي في تونس، وفي جربة خاصة، على استعادة النشاط في توقيت وجيز وهذا ما نلاحظه في كل الأزمات التي  مرت بها البلاد  “

https://www.canva.com/design/DAFxiKBN__Y/74-GV-iL0Y4biyt37IfDLQ/view?utm_content=DAFxiKBN__Y&utm_campaign=designshare&utm_medium=link&utm_source=editor

تواصل نمو القطاع رغم الاغتيالات السياسية

  الاستقرار السياسي في تونس لم يدم طويلا، حيث شهدت البلاد  مع بداية سنة 2013 أكبر الاغتيالات السياسية، ففي صباح السادس من فيفري  أُغتيل الناشط السياسي والحقوقي  ” شكري بالعيد ” على يد تنظيم داعش الإرهابي   قبل أن تقوم نفس الجماعة  باغتيال  الناشط السياسي والنائب في المجلس التأسيسي ” محمد البراهمي” يوم الخامس والعشرين من نفس العام .

وبعد هذه الاغتيالات شهدت تونس تطورات سياسية كبرى تمثلت أساسا  في استقالة رئيس الحكومة آنذاك ” حمادي الجبالي ” إضافة إلى دعوة عدد من الدول الأوروبية مواطنيها إلى عدم زيارة تونس بسبب تدهور الوضع الأمني .

 وكان من المتوقع أن تضرب هذه الأحداث القطاع السياحي في تونس في  مقتل، ولكن وبحسب أرقام وزارة السياحة التونسية فإن عدد زوار تونس سنة 2013  وصل إلى  ستة ملايين و300 ألف سائح أي بزيادة تقدر بـ 9 بالمائة بالمقارنة بسنة 2011 .

وتشير الأرقام إلى أن عدد السياح في المنطقة السياحية جربة جرجيس خلال سنة 2013 لم يتأثر أيضا بكل هذه الأحداث السياسية والعمليات الإرهابية وبقي مستقرا مقارنة بسنة 2012   ليبلغ  العدد الجملي للسياح  1015949  وافدا .

وخلال هذا العام وبقية الأعوام التي شهدت عمليات إرهابية في تونس دائما ما يتم تداول  أخبار على شبكة التواصل الاجتماعي حول تأثر  قطاع السياحة التونسي بهذه الأحداث إلى درجة كبيرة .

وفي هذا الإطار قال هشام المحواشي، المندوب الجهوي للسياحة في مدنين ” هذا الأمر  غير  صحيح لأن الأرقام الرسمية خلال كل هذه السنوات أثبتت أن قطاع السياحة هو أكثر القطاعات قدرة على استرجاع  النشاط بشكل وجيز ” .

وفي شهر جوان من عام 2013 بلغ عدد السياح في المنطقة السياحية جربة جرجيس 122417 ليرتفع العدد إلى 123960 في شهر جويلية ثم الى  168175 في شهر أوت .

https://www.canva.com/design/DAFxgOdg_hc/SDFVHu-fwdvCueybCYVxOw/view?utm_content=DAFxgOdg_hc&utm_campaign=designshare&utm_medium=link&utm_source=editor

وفي عام 2014 شهدت تونس أهم مراحل الانتقال السياسي بعد ثورة 14 جانفي 2011 حيث أقيمت انتخابات أول مجلس نيابي  أفرز حكومة ترأسها الحبيب الصيد .

وعملت الحكومة على تنفيذ جملة من الإصلاحات على جميع المستويات لتحسين الوضع الاقتصادي، وهو ما ساهم في المحافظة على استقرار  عدد الوافدين بالمقارنة بالعام المنقضي .

تأثر كبير خلال سنة 2015 

غير أنه وفي عام 2015 شهدت البلاد أسوء العمليات الإرهابية، ففي الـ 18 من مارس هاجم إرهابيان متحف باردو بالعاصمة وقتلا 22 سائحا من مختلف الجنسيات .

وفي  الـ26 من جوان من نفس السنة  أقدم إرهابي يتبع تنظيم داعش على قتل 39 سائحا في فندق “إمبريال مرحبا ” بمدينة سوسة الساحلية،  فيما قام إرهابي آخر بتفجير نفسه  داخل حافلة للحرس الرئاسي في شارع محمد الخامس أدى إلى  استشهاد 12 أمنيا .

ولهذه العمليات الإرهابية التي استهدفت السياح تأثير بالغ على واقع السياحة التونسية  حيث  قطع أغلب السياح الأوروبيين عطلتهم في تونس عائدين إلى  بلدانهم   .

وبالنظر إلى الأرقام الرسمية يظهر التأثير الكبير لهذه العملية على الوجهة السياحية جربة جريس كغيرها  من الوجهات السياحية  بالبلاد . حيث  تراجع عدد السياح الوافدين إلى جربة  خلال  هذا العام بنسبة 60 بالمائة بالمقارنة بسنة 2014 .

وفي 7 مارس 2016  صدت قوات الأمن هجوما لتنظيم داعش على مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا والتي تبعد عن  جزيرة جربة بقرابة الـ 100 كلم .

 

وشهد قطاع السياحة التونسي في جزيرة جربة  تراجعا  طفيفا خلال هذا الموسم قبل أن يشهد الموسم  نموا ملحوظا في سنة 2018 .

 

https://www.canva.com/design/DAFxfrAxBdU/uyztKC9m3k-696-pcbWZYw/view?utm_content=DAFxfrAxBdU&utm_campaign=designshare&utm_medium=link&utm_source=editor

تعافي القطاع انطلاقا من سنة 2018

وخلال الموسم السياحي 2018 ارتفع عدد الوافدين على الوجهة السياحية جربة  جريس  بأكثر من 30   بالمائة بالمقارنة مع العام المنقضي

كما  واصل  القطاع السياحي في الجهة في النمو سنة 2019 قبل جائحة كورونا التي أثرت على كل الدول العالم .

وبالرغم من إغلاق  كافة المدن خلال سنة 2020، فإن المنطقة السياحية جربة-جرجيس استقبلت في هذا العام أكثر من 300 ألف وافد  من كافة أنحاء العالم ليرتفع العدد إلى قرابة الـ 500 ألف وافد  في السنة الموالية بالرغم من المواصلة في الإجراءات  الصارمة لكورونا .

وخلال سنة 2021 شهدت تونس أكبر المحطات السياسية الثانية بعد ثورة 14 جانفي من عام 2011 حيث اتخذ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية في الخامس والعشرين من  جويلية والتي تم من خلالها  حل البرلمان وإقالة حكومة هشام  المشيشي .

وأثارت هذه الإجراءات السياسية جدلا كبيرا  في تونس وخارجها، ولكن لم تؤثر على واقع السياحة في تونس حيث ارتفع عدد السياح بقرابة الـ 10 بالمائة بالمقارنة بالسنة الماضية لترتفع بدورها عدد الليالي المقضاة إلى  1926519   ليلة  .

 وبمجرد  انتهاء أزمة كورونا وفتح المجال أمام  الطيران والنزل ارتفع عدد السياح إلى  1016282 خلال سنة 2022  .

*هيثم المحضي

قائمة الموبايل