عدم التقيّد بمثال التهيئة والصيانة المُقترح من ّ” اليونسكو ” .. تقصير أم قلة إمكانيات لبلديات جربة الثلاث ؟

In الأخبار, متفرقات On
- تم تحديثه في

هي الجزيرة الحالمة التي سحرت” أوليس ” فأتخذها موطنا له وأستقر بها، أيقونة تاريخيّة إستمدّت بريقها من طابعها التراثي والمعماري الذي ُ سيشفع لها بأن تُدرج اليوم ضمن لائحة التراث العالمي ” اليونسكو “.

منذ سنة 2017 تسعى تونس إلى إدراج عدّة مناطق ومعالم تاريخية داخل جزيرة جربة ضمن التراث العالمي اليونسكو، حيث تم تقديم الملف رسيما عام 2020، غير أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو ) فرضت مجموعة من التعديلات الخاصة بصيانة المعالم وتطابقها مع مثال تهيئة جديد يتوافق مع طابع الجزيرة لقبول الملف رسميّا .

تتداخل العديد من الأطراف في ملف إدراج جربة ضمن التُراث العالمي، وعلى رأسها بلديات جربة الثلاث ) حومة السوق وميدون وٱجيم (، وتمثل هذه البلديات دور السلطة في تنفيذ مثال التهيئة العمرانية الجديد ومراقبة مدى تطابق البناءات الجديدة مع هذا المثال.

أمام تعدد الانتهاكات .. نُشطاء يحملون بلديات جربة الثلاث المسؤولية الكاملة

بالرغم من الاتفاق على مثال تهيئة وصيانة جديد يُراعي خصوصيّة الجزيرة التاريخيّة، إلاّ أن العديد من المواطنين في المناطق المشمولة بعملية الادراج في التراث العالمي يواصلون عملية بناء بيوتهم بنفس الطريقة القديمة دون التقيّد بنظام التهيئة الجديد.

وأمام تعدد الانتهاكات التي طالت العديد من المعالم التاريخية في جربة، إضافة الى عدم تقيّد اغلب المواطنين بمثال التهيئة الجديد في بنئاتهم، حمّل العديد من النشطاء المسؤولية الكاملة للبلديات.

وقال الناصر بوعبيد، العضو في جمعية صيانة الجزيرة” قمت بزيارة إلى منطقة تمْلال، ( من بين المناطق المشمولة بالإدراج و تبعد عن مركز مدينة ميدون قرابة ال 6 كلم و هي منطقة تتميز بطابعها الجربي العريق ) ولاحظت بشكل واضح عدم إحترام المواطنين لمثال التهيئة العمرانية الجديد، بل وتوجد لهفة كبيرة للبناء بعد معرفة أن تلك المنطقة مشمولة بملف الإدراج ” .

وأضاف ” نحن كنشطاء ليست لدينا السلطة التي تمتلكها بلديات جربة الثلاث فنحن كمُكوّن من مكوّنات المجتمع المدني لا نفرض تطبيق القانون عكس البلديات التي تُمثل السلطة “

وبحسب بوعبيد فإن للبلديات  دور كبير في حماية وتهيئة المعالم فالتقيد بالمثال الجديد يعتبر مكون هام لملف الادراج وهو مُلزم للدولة التونسية مشددا على ضرورة وعي  الجهات الإدارية والمسولين المحليين بدورهم في ادراج جزيرة جربة ضمن  التراث العالمي اليونسكو .

من جانبه قال منجي بورقو الباحث في مجال التراث و المسؤل الأول على ملف ادراج جربة ضمن التراث العالمي  ” البلديات مُلزمة بتعليق خرائط الامكان المشمولة في ملف الادراج في مقراتها والمعالم الأثريةهذا إضافة إلى أن رُخص البناء التي تُسلّم للمواطنين يجب أن تُراعي ملف إدراج الجزيرة في التراث العالمي فالبلديات هي الفاعل الميداني في عملية المراقبة لتطبيق مثال التهيئة الجديد ” .

وبحسب الباحث التونسي فإن العديد من الخروقات حصلت داخل المعالم الأثرية ومنها جامع فضلون( يقع في مدينة ميدون أصبح اليوم مزارا للسياح ) إضافة إلى تغيير ألوان بعض المساجد الأخرى غير المنصوص عليها في مثال الصيانة الجديد كما يوجد امتداد عمراني كبير في عدد من المناطق المشمولة بملف الادراج .

منجي بورقو

بلدية ميدون تتدخل  لمنع الانتهاكات وقلّة الإمكانيات تُعيق عمل بلدية حومة السوق

 

وفي المقابل تسعى بلديات جربة إلى العمل على مراقبة مدى تطابق رخص البناء مع مثال التهيئة والصيانة الجديد .

كما تشكو هذه البلديات من نقص في ٱليات المراقبة والصيانة التي تضمن تطبيق القانون على جميع المخالفين ومنع أي تخريب للمعالم الأثرية المشمولة في ملف الإدراج .

في ميدون تدخّلت بلدية المكان في أكثر من مناسبة لمنع تجاوزات تمس إحدى الأماكن الاثرية .

وقال كمال العصادي، رئيس لجنة الأشغال والتهيئة العمرانية ببلدية جربة ميدون ” حدثت في المدة الأخيرة تجاوزاتقرب جامع فضلون، وقمنا بالتدخل وبالتصدي لها، كما نسعى إلى تطبيق القانون ويمكن ان نصل إلى تنفيذ قرار هدم لبناءات مخالفة ” .

وتابع ” المجلس البلدي بميدون تعهد بالمحافظة على التراث، كما أن عملية إعطاء رخص البناء  بالنسبة للمناطق المدرجة لاتتم إلاّ بالرجوع للمعهد الوطني للتراث للموافقة ” .

 

من جانبه دعا فوزي بوزفارة، عضو المجلس البلدي في بلدية جربة حومة السوق، إلى ضرورة توسيع صلاحيات المكتب المحلي للمعهد الوطني للتراث بجربة للبت في مطالب رخص البناء باعتبار ان كل المطالب يتم توجيهُها الى المركز للبت فيها وهو ما يتطلب الكثير من الوقت، وفق تعبيره.

وقال بوزفارة ” لم ننطلق بعد في تطبيق مثال التهيئة العمرانية الجديد ويمكن القول بان مثال التهيئةالعمرانية القديم في جربة لم يُحترم، فناهيك على هذا المثال الجديد بالنسبة للمناطق المدرجة  ” .

وفي مستوى عملية المراقبة والصيانة قال بوزفارة ” نحن نتصرّف حسب الإمكانيات ولا بد من دعم الدولة لتوفير اليات للمراقبة والصيانة ” .

ورفضت بلدية جربة أجيم الإدلاء بأي تصريح في هذا الموضوع

بلدية اجيم

كما تشرف الكثير من العائلات في جربة على صيانة عدة من المساجد

وداخل المسجد الكبير بحومة السوق قال مهني الباروني (استاذ متقاعد في عقده الثامن و هو أحد رواد المسجد ) ” لا تقوم البلدية او معهد التراث بعمليات صيانة داخل هذا المسجد كما ان رواد المسجد هم من يتكفلون  بعملية الصيانة ” .

والمسجد الكبير من بين اقدم المساجد بالجزيرة وهو ضمن المساجد المشمولة بعملية الإدراج في التراث العالمي

ضبابية لدى المواطنين بسبب غياب الحملات التوعوية

من جانب آخر تسبب غياب الحملات التوعوية من قبل البلديات وبقيّة المتدخلين في ملف الإدراج لايزال الكثير من أهالي المناطق المشمولة في ملف الادراج يواصلون بناء بيوتهم بنفس الطريقة القديمة البناءات العصرية دون التقيد بمثال التهيئة الجديد .

وقال فارس علوي ( شابثلاثيني )، مواطن من مدينة تملال ” منزلي مثلا يمزج بين الطابع العصري والطابع التقليدي الجربى، وأغلب متساكني هذه المنطقة ليست لديهم فكرة على مثال التهيئة والصيانة الجديد “.

وبحسب “علوي” فإن أغلب متساكني المنطقة ليس لديهم علم بأن المنطقة ستُدرج ضمن التراث العالمي اليونسكو، فالجميع يتعامل مع رخص البناء كإجراء إداري ضروي لضمان وصول الماء والكهرباء لبيوتهم “.

من جانب ٱخر أشار المواطن الجربي إلى أن الكثير من المواطنين ظلُّوا من القدم والى الان، محافظين على البناء بالطابع التقليدي قبل وجود مشروع لإدراج منطقتهم في التراث العالمي ” .

وفي منطقة الرياض تقول أحلام ( 40سنة ) ” أغلب المواطنين هنا لديهم علم بأن المنطقة ستكون من المناطق الم

فارس علوي

شمولة بملف الإدراج، وما نلاحظه أيضا هو الحضور اللافت للبلدية التي تسعى إلى تطبيق القانون على المخالفين ” .

وبحسب المنجي بورقو، الباحث في مجال التراث  فإن هذا الملف يشمل 7 مناطق داخل الجزيرة إضافة الى عدد من المعالم التاريخية( مساجد وكنائس ) .

وأوضح بورقو ” يشمل ملف ادراج الجزيرة في اليونسكو كل من منطقة حومة السوڨ ومنطقة الرياض والحارة كبيرة وتملال وخزرون وصدغيان ومجماج ” .

وأضاف ” كما يشمل ملف الادراج 22 مسجدا في مختلف معتمديات الجزيرة الثلاث والكنسية الكاتولوكية والكنيسة الاورتودوكسية ومعبد الغريبة اليهودي( اقدم معبد يهودي في افريقيا ) وعدد من الفنادق .

وتتميّز جزيرة جربة بموروث معماري فريد من نوعه حيث تنتشر البيوت ” الأحواش ” التي كانت تضم كافة افراد العائلة الموسعة من الأباء والأبناء والأحفاد .

وللحوش الجربي طابع هندسي خاص يميزه على بقية البيوت التونسية، كما تُعوّل الهيئة المُشرفة على ملف إدراج الجزيرة ضمن التراث العاملي كثيرا على هذه الخصوصية .

وتُعرف جزيرة جربة أيضا بإسم “جزيرة المساجد “حيث توجد قرابة ال 300 مسجد في مختلف مناطقها .

وقام المؤرخ التونسي ” رياض مرابط ” بعد واحصاء 285 مسجدا وجامعا . ( حسب مُدوّنة مساجد جزيرة جربة ) .

في جربة تمتاز اغلب المساجد بضيق مساحتها وبساطتها أولا لإنتماء اغلبها إلى المذهب الاباضي الذي يمتاز بالبساطة في الهندسة المعمارية وثانيا لكون الكثير منها اماكن لأداء فريضة الصلاة في الحي (يرتادها المصلين من أهالي الحي لا غير) .

والى غاية اليوم تشهد العديد من هذه المعالم الأثرية غياب الصيانة إضافة إلى عمليات التخريب .


وفد من ” اليونسكو”  يزور الجزيرة خلال شهر أفريل

 

وتبقى مسألة إدراج جزيرة جربة ضمن التراث العالمي ” اليونسكو” رهين الزيارة التي ستُؤديها لجنة من منظمة الامم المتحدة التربية و العلوم والثقافة إلى جزيرة جربة في شهر افريل القادم.

وستشمل الزيارة مختلف المناطق والمعالم الأثريّة المشمولة في ملف الادراج للوقوف على مدى استجابتها للتعديلات التي قدمتها الهيئة سابقا .

وفي هذا الإطار قال الناصر بوعبيد العضو في جمعية صيانة الجزيرة ” لا بد من وجود حملة توعويّة، خاصة وانه في شهر افريل سنستقبل وفدا من اليونسكو في زيارة لمعاينة المناطق والمعالم الاثرية، وسينجزون تقريرا سيتقرر على ضوئه إدراج الجزيرة أو لا ضمن لائحة  التراث العالمي، ونحن متخوفون من وجود العديد من الانتهاكات التي رصدناها خلال الأيام الفارطة “


انجز هذا العمل في إطار دورة تدريبية لبرنامج مراسلو الديمقراطية المحلية تحت إشراف المنظمة الدولية للنظم الانتخابيةIFES ، حيث يهدف هذا البرنامج إلى المساهمة في تأسيس صحافة محلية ناجعة عبر شبكة من المراسلين والمراسلات المحليين.


عمل للزميلة جازية نومة

قائمة الموبايل