في لقاء مع الشاعرة عفيفة الحاج حسن أصيلة جزيرة جربة ، أكدت هذه المبدعة المتحدية للألام والمرض , بصوت يتخلله الكثير من اللهث , وبروح تحمل الكثير من الأنين والحنين، أنّه صدر لها خلال الأيام القريبة الماضية كتابها المنتظر منذ سنوات، وتعني به : كتاب “أنطولوجيا الحرية بين التحليل المفهومي والتصور الفني (…….) لدى سارتر” ، وذلك عن دار زينب للنشر.
و عن مضمون الكتاب العام دون الدخول في التفاصيل فأجابت وهي تنظر إلى ساعتها، أنّه يتحدث عموما عن أنطولوجيا الحريّة ( أو بتعبير آخر عن الوجود الإنساني كحرية ) ، بين التناول الفلسفي والتناول الفنّي، وإعتبرت في هذا الصدد أن موضوع الحرية كمحدد جوهري للوجود الأنساني كان المشغل الوحيد الذي شغل كل رحلة سارتر الحياتية من أولها إلى آخرها، بعنى أن كل كتبه وكل أشكال فعله (الفلسفي والأدبي والسياسي الإعلامي)، لم تكن سوى لحظات مختلفة لمبحث واحد هو الحرية. وعن سبب الإهتمام بسارتر بالذات؟ بيّنت الشاعرة والفيلسوفة أن المسألة تعود تقريبا إلى ثلاثة عوامل :
– العامل الأول هو إحساسي منذ سنوات الجامعة بالحجم الكبير لهذا المفكر والفيسوف الإستثنائي الذي إستطاع التأثير طوال فترة حياته لا فقط على فرنسا وأنما على العالم بكامله شرقيه وغربيه ، شماله وجنوبه، وإستطاع بفضل محاضراته التي كانت تستقطب الآلاف، أن يجعل كتاباته تتجاوز حدود الجامعة والمعاهد والأندية الفكرية لتتحول إلى ظاهرة ثقافية عامة، يحلو للبشر بكافة أصنافهم التحاور حول قضاياه، لافقط في المقاهي والأندية بل وحتى في الملاهي والحانات والمراقص وصناديق الليل الباريسية.
– العامل الثاني هو أنني أنا نفسي أجمع بين الفلسفة والأدب ( وأساسا الشعر)، فلا غرابة أن أهتم باختيار فيلسوف يجمع بينهما.
– العامل الثالث يتمثل في أنني ما قرأت كتابا عن سارتر أوحول سارتر إلا وشعرت في تلك المرحلة من حياتي أنه يكتبني: فهو يكتبني لأنني منذ أن بدأ الشك في الفكر السائد يتملكني حتى أصبحت مسكونة بفكرة واحدة هي البحث عن حقيقة الكون وحقيقة الإنسان. وكنت على يقين ـ رغم محاولاتي الفاشلة دوما للاقتناع بصدور أفعالنا عن القدر أو عن الظروف الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، أو الظروف البيولوجية ـ بأننا في نهاية الأمر أحرار ونستطيع بطرق متعددة تجاوز هذه الظروف المعطاة والإنقلاب عليها مهما اتسعت هيمنتها.
إضافة إلى ذلك وجدته يكتبني لأنني وأنا أسعى إلى البحث عن اليقين، إنتهيت مرارا إلى الشعور بوجودنا العبثي والقول بأنه لا معقولية ولا معنى يحكم حقيقة وجودنا : فمن نحن ؟ ولم وجدنا في أوضاع لامتساوية وظروف غير عادلة ؟، ولم كان النزاع والقتل أحد صفاتنا ؟، ولم كنا نحيا ونتعب ونشقى لنموت في نهاية الأمر وكأننا لم نشق يوما ؟، ولماذا في نهاية الأمر حيك سيناريو الحياة البشرية على هذا النحو وليس على نحو اخر؟ ؟؟.
إن هذه الأسئلة التي أرقت سارتر طوال حياته وحرص على الإجابة عنها، هي التي أرقتني أنا أيضا منذ أن عبث بسكينتي عظيم السؤال وجعلتني أقول بأنه “يكتبني”. و حول إصداراتها القادمة قالت أنّها في إنتظار العمل لى صدور مجموعتها الرابعة “صولجان الكلمات” ، وصدور مجموعتها الخامسة “لن تسقط حاء أحلامي “.
ميمون التونسي