تعيش جزيرة جربة وتحديدا منطقة الرياض بمعتمدية جربة حومة السوق من ولاية مدنين نهاية هذا الأسبوع السبت 18ماي 2019 وإلى غاية يوم 26 ماي الجارى على وقع الزيارة السنوية لمعبد الغريبة الذي يتوافد عليه يهود جربة ومن المناطق المجاورة بالاضافة الى اليهود الذين يصلون جربة عبر مطار جربة جرجيس الدولي ,علي أن يكون موعد الزيارة السنوية يومي 22و23 ماي 2019.
* الإستعدادات :
هذا الموعد تسبقه إستعدادات من السلط الجهوية والمحلية والوطنية من مختلف الأطراف ذات العلاقة ومن قبل جمعية معبد الغريبة حتى يتم هذا الموعد وعلى غرار السنوات السابقة فى أفضل الظروف ، ونظرا لما يكتسيه هذا الموعد من أهمية بإعتباره مؤشرا أساسيا لنجاح الموسم السياحي الصيفي بالجزيرة وفق لإفادة عدد من المهنيين و المتابعين للنشاط السياحي بالجهة . و عن إستعداد السلط الجهوية والأمنية أكد الحبيب شواط والي مدنين أن التعزيزات الأمنية وصلت للجهة من مختلف التشكيلات الأمنية و الديوانية والعسكرية والتي وفرت لها الظروف اللوجستية المناسبة للإقامة والإعاشة حتى تؤدي مهامها على الوجه الأكمل. وقال الوالي إن ” كل الأطراف متجندة لتوفير كل مقومات نجاح زيارة الغريبة لما تحمله هذه المناسبة من دلالات ورسائل في التسامح الديني وإتساع بلادنا لكل الأديان والأجناس والانتماءات على مر السنين “، وفق تعبيره. ووجه الحبيب شواط رسالة طمئنة إلى زوار جزيرة جربة و أهاليها ومتساكنيها من خلال تأكيده على تواصل العمل الأمني لمختلف الأسلاك على مستوى اليقظة والانتباه ومحاربة الجريمة وكل الأشكال التي يمكن أن تمس المواطن في الجزيرة.
* بيريز الطرابلسي رئيس هيئة معبد الغريبة : ” معتز بإنتمائي التونسي وأكن كل الإحترام للدين الإسلامي ” .
ومع إقتراب موعد الزيارة تزين معبد الغريبة وشملته أشغال دهن وطلاء وتنظيف داخله وكامل محيطه , كما وقع تزيين مدخل المعبد وداخله بالراية الوطنية العلم التونسي حسب ما أفاد به بيريز الطرابلسي رئيس هيئة المعبد والذي إلتحق للعمل به سنة 1964وعمره 21 سنة , موضحا ان الإستعدادات إنطلقت منذ 7 أشهر حيث تسهر هيئة تنظيم الغريبة على القيام بعدة أشغال بالمكان والتي تتجدد فى كل سنة لتشمل المعبد والوكالة المقابلة لها وكامل المحيط . وتوقع بيريز الطرابلسي بتوافد ما بين 8 و 9 ألاف زائر خلال هذه السنة , مؤكدا أنّه وجه الدعوة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد للحضور وإنّ الهيئة تلقت مساهمة ب25 ألف دينار من وزارة الشؤون الدينية لمساعدتها على الأشغال السنوية المتعلقة بالمعبد الذي يعد أقدم معبد فى إفريقيا عن عمر لايقل عن 2600 سنة وإن الوزارة دأبت على هذا الدعم السنوي بالإضافة إلى دعم من المجلس الجهوي لولاية مدنين . وتوجه بيريز الطرابلسي بجزيل الشكر لكل السلط الجهوية والمحلية والوطنية كل من موقعه وإختصاصه على الإحاطة والمتابعة لتوفير كل ظروف نجاح هذا الموعد السنوي الذي يعيش على وقعه يهود جزيرة جربة وكل اليهود الوافدين عليه ككل سنة . وأعرب بيريز الطرابلسي عن إعتزازه بإنتمائه التونسي وأكد أن علاقته طيبة بكل أهالي ومتساكني جزيرة جربة مشددا أنّه يكن كل الإحترام للدين الإسلامي وأن الإختلاف فى الدين لا يولد التفرقة على حدّ تعبيره .
* وزير السياحة والصناعات التقليدية يتابع الإستعداد للزيارة السنوية لمعبد الغريبة :
تابع وزير السياحة والصناعات التقليدية روني الطرابلسي رفقة الحبيب شواط والي مدنين الإستعدادات للزيارة السنوية لمعبد الغريبة وذلك من خلال إطلاعه على ألة سكانار جديدة تمّ تركيزها وتهيئة الفضاء المناسب لإحتضانها و في تصريح إعلامي توقع الوزير أن تشهد زيارة السنة الحالية زيادة مقارنة بزيارة السنة الفارطة على مستوى عدد الحضور والوافدين وأضاف الطرابلسي أن شخصيات دينية وسياسية وفنيّة من عدة بلدان وخاصة أمريكا وروسيا ستواكب الزيارة الرسمية يومي 22 و 23 ماي 2019 تزامنا مع شهر رمضان الى جانب وفود إعلامية كبيرة من داخل وخارج أرض الوطن .
* وزير الداخلية يتحدث عن الجاهزية الأمنية :
أعلن وزير الداخلية هشام الفراتي عن الجاهزية الأمنية لتأمين الإحتفالات الدينية السنوية بمعبد الغريبة اليهودي في جزيرة جربة . وقال الوزير في تصريح خلال الأسابيع الفارطة إنّ قوات الأمن ستكون أمام تحدي لتأمين موسم زيارة المعبد، بسبب تزامنه مع شهر رمضان، كما أنّه من المتوقع أن يكون عدد الزوارهذه السنة أعلى من العام الماضي . وأضاف هشام الفراتي ” المعطيات التي لدينا تفيد بأن العدد سيكون أعلى بدأنا بضبط خطة أمنية منذ فترة كما ستكون هناك إحتياطات خاصة بسبب قرب جزيرة جربة من الحدود الليبية ”.
* زيارة معبد الغريبة :
زيارة اليهود لمعبد الغريبة تصاحبها الكثير من الأعياد الدينية المرتبطة بالتاريخ اليهودي فى تونس مثل زيارة الأولياء الصالحين اليهود الذين يسمونهم الربانيين أو المعلمون كما ان أعياد اليهود كثيرة ومتنوعة حيث لا يكاد يمر شهر واحد دون أن يحتفل اليهود بعيد أو مناسبة فى طقوس متعددة ومن ذلك رأس السنة دروش العام وعيد الغفران كيبور وعيد الصمت العشايش وعيد الفصح وغيرها من المناسبات … وتختلف طرق زيارة اليهود الى الغريبة طبقا لإرتباطاتهم الروحية بمناطقهم التي سكنوها وخلفياتهم الثقافية فاليهود الذين يقدمون من عديد الدول فى موسم زيارة الغريبة يتميز بينهم أهل جربة بإرتباطهم الروحي الشديد وبحبّهم الجارف لجربة ووطنهم تونس لأنهم تونسيون قبل كل شيء عكس من يعتبرها سياحة دينية .
* معبد الغريبة :
يتكون مبنى معبد الغريبة من جزئين :
المبنى الأول هو المعبد المخصص لممارسة طقوس الزيارة والمبنى الثاني الذي ألحق بالمعبد هو عبارة عن ساحة كبيرة لإقامة الإحتفالات ونقاط بيع للعديد من الصناعات التقليدية واللباس التقليدي والمرطبات والمشروبات بالإضافة إلى وجود مطاعم ومقهى مع توفر طابق علوي به غرف مجهزة لمن لاسكن له .
* جزيرة جربة جزيرة التسامح والوفاق بين الأديان :
على صعيد اخر نشير إلى أن هذه الزيارة تحضى بمتابعة سكان وأهالى الجزيرة الحالمة جربة حسب ما أفاد به أفاد خالد القابسي الناشط فى المجتمع المدني ” أن جربة تعودت ان تعيش على وقع زيارة الغريبة وهي مناسبة تلتقي فيها الطائفة اليهودية فى جربة و زوّارهم من مختلف الدول مع جيرانهم المسلمين ليكون الإحتفال دليل على أن تونس بصفة عامة وجربة بصفة خاصة أرض لقاء على أديمها إنصهرت عديد الحضارات وعديد الديانات على مرّ القرون ليكون شعار التسامح عاليا ولعل ما ورد في كلمة لوكس تامز المستشار لوزارة الخارجية الأمريكية المكلف بالأقليات الدينية بشمال إفريقيا بتاريخ 25 ماي 2016 لخير دليل على تلاقح الديانات وتسامحها فقد قال ” يجلب هذا الحج الى تونس يهودا من مختلف أنحاء العالم ويواصل تقليدا ضاربا في الزمن فى أقدم كنيس فى شمال إفريقيا ان التحديات التى تواجهها الأقليات الدينية فى جميع أنحاء العالم لهائلة ومع ذلك تبرز الطائفة اليهودية بجربة كمثال هام لأقلية دينية حافظت بنجاح على ثقافتها وممارستها الدينية رغم هذه التحديات مثل هذه النماذج الإيجابية تعد على الأصابع فى عالمنا اليوم . وأكد خالد القابسي أن اليهود فى جربة هم جيران المسلمين يتبادلون التهانى والمعايدة فى كل المناسبات الدينية ولعل المشهد الأكثر تعبيرا فى هذه الأخوة والمشهد الذي يتكرر كل عام أنه بمجرد إنتهاء خرجة المنارة وهي من طقوس زيارة الغريبة حتى يرفع اذان صلاة المغرب فيهرع هذا لصلاته فى المعبد فى كنيسه ويهرع ذاك لصلاته بالجامع القريب جدا من الكنيس تناغم جميل جدا وتسامح ورقي تعودنا عليه نحن سكان جربة منذ صغرنا وانهي خالد القابسي كلمته هذه بتهنئة جيرانه اليهود بزيارة الغريبة متمنيا لكل الزوار إقامة طيبة وسعيدة فى جربة جزيرة التسامح والوفاق بين الأديان والإحساس الدائم بالأمن والأمان .
*التعايش السلمي :
على مر السنين و في ذات السياق أشار سامي بالطاهرمكلف بالبحوث بالمعهد الوطني للتراث أنّه وعلى مر السنين ومنذ القرن الحادى عشر تاريخ تواجد اليهود فى الحارة الصغيرة والذي كان إسمها ” زيني زيفد س ” وقبل بناء معبد الغريبة فبشكله الحالي والذي يرجح أنّه تمّ بناءه فى القرن التاسع عشر لم يقع أي إعتداء بين اليهود والمسلمين والجرابة ليومنا ويعود هذا حسب رأي سامي بالطاهر لأن سكان الجزر يتميزون دائما بالإنفتاح على الاخر وقبولهم بالثقافة المغايرة . وما يكرس التقارب فى جربة أضاف ذات المصدر أن بعض الفنانين اليهود كانوا يحيون حفلات زفاف المسلمين على غرار الصوت المعروف يعقوب البشيري كما أن العديد من موسيقي جربة المسلمين يشاركون أيضا فى الحفلات الفنّية التى تقام بمناسبة الزيارة لمعبد الغريبة . كما أفاد سامي بالطاهر أن حدود المعبد تمتد إلى حدود المقبرة الإسلامية بالاضافة الى وجود جامع بن يعلي القريب جدا من المعبد والذي يرجع تاريخه الى القرون الوسطى وبالقرب من الجامع مدرسة إبتدائية يدرس فيها المسلمون واليهود على حد السواء مما يعكس مبدأ التعايش السلمي الذي كان موجودا ولا يزال بين أهل جربة المسلمين وأهل جربة اليهود منذ سنين .
ميمون التونسي