تحيي تونس اليوم الذكرى 173 لالغاء الرق والعبودية في 23 جانفي 1846 ،القرار الذي مثل خطوة فارقة في التاريخ الحديث، وأصبحت تونس من أولى الدول التي سارعت نحو الخطوة، و كانت سباقة بـ 100 عام على عدد من الدول العربية، وبعشرات السنين على دول العالم الكبرى، حتى أنها سبقت الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كانت الدنمارك اول دولة تلغي تجارة الرق في عام 1792 تبعتها بريطانيا.
ويقصد ب”العبودية” أو”الرِّقُ”، هي امتلاك الانسان للانسان واذلاله واجباره على ممارسة الأشغال الاجبارية الشاقة والتمييز، حيث كانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق، ويتعرضون للاختطاف، أو يهدي بهم مالكوهم أو يأسرون في الحروب، ويطلق على الرجل “عبد” والمراة “جارية”.
وقد كان الغاء العبودية في تونس من بين أهم الإصلاحات الإجتماعية في عهد احمد باي بين 1837 و 1855 وتمّ على ثلاثة مراحل:
الاولى كانت بإصدار أحمد باي في 6 سبتمبر 1841 أمرا يقضي بمنع الإتجار في الرقيق و إسترادهم و بيعهم في أسواق تونس، كما أمر بهدم الدكاكين الي كانت تتباع فيها العبيد الموجودة في سوق البركة.
اما المرحلة الثانية فكان بإصدار أمر في ديسمبر 1842 يعتبر كلّ من يولد بالتراب التونسي، حرّ لا يباع ولا يشترى مهما كان جنسه أو لونه”، كما يتيح لمن تعرض للاسترقاق “أن يرفع أمره للمحاكم ونص الامر على عقوبات سجنية ومالية ضد مخالفي هذه الإجراءات، سواء كان مرتكبها تونسيا أم أجنبيا.
في المرحلة الثالثة صدر أمر مكتوب لأحمد باي في 23 جانفي 1846، يقضي بعتق جميع العبيد و إبطال العبودية نهائيا لتكون تونس من أوائل البلدان في العالم، الي تتخذ قرار إبطال العبودية و الإتجار بالبشر وتقر بأن “كل من يولد في تونس يعتبر حرا” قبل أن يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نفس المبدأ “يولد كل الناس أحرارا.”
اليوم تونس تحيي الذكرى 173 لالغاء العبودية هذا الانجاز العظيم الذي يكرس ثقافة المساواة بين كل الناس ولكن يبدو ان بعض الرواسب الثقافية لازالت موجودة كالميز العنصري والعرقي والنظر للاخر المخالف نظرة دونية على غرار العنصرية وغيرها من الممارسات التي لا تليق بالانسان الحر الكوني.
والجديد في تونس هو اعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم 23 جانفي من كل سنة عيدا وطنيا لإلغاء العبودية والرق، اما عالميا يكون اليوم الدولي لإلغاء الرق يوم 2 من ديسمبر من كل عام وهو اليوم الذي يذكر باتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع الإتجار بالأشخاص واستغلال الغير في البغاء والتي صدرت في 2 ديسمبر 1949 .