خلايا الأزمة في جربة .. تجربة فريدة في العمل التشاركي بين البلدية والمجتمع المدني

In الأخبار On
- تم تحديثه في

انفردت جزيرة جربة بتجربة نموذجيّة لمواجهة جائحة “كورونا”، حيث لعبت فيه خلايا الازمة في بلديات الجزيرة الثلاث دورا كبيرا، منذ إعلان الحكومة التونسية مدينة جربة كأوّل بؤرة للتفشي السريع للفايروس بالبلاد يوم 22 مارس 2020.

وتعيش جزيرة جربة للعام الثاني على التوالي على وقع جائحة “كورونا” المتواصلة والتّي حصدتْ أرواح الٱلاف من ألتونسيين كما فرضت أجواء خاصة لفصل الصيف في الجزيرة التي تعتبر الوجهة السياحية الأولى للبلاد.

تهدف خلايا الأزمة المُحدثة في البلديات لكسر حلقات العدوى وحثّ المواطنين على عمليّة التطعيم في مراكز التلقيح ضد فيروس كرونا، إضافة إلى تقديم المساعدة للمواطنين.

حومة السوق في انتظار تفعيل خلية الأزمة

في مدينة حومة السوق يشيد الأهالي بتجربة خلية الأزمة المحدثة حينها في السّيطرة على الوباء أنموذجا يُحتذى به سنة 2020، حيث تم تكوين لجان مختلفة كلجنة الصحةولجنة التموين ولجنة الاعلام. كما ساهمت خلية الأزمة في الجانب التوعوي في شراكة مع إذاعة  أوليس أف أم، بالإضافة إلى المساهمة في التعقيم ووضع مركز نداء داخل مقر البلدية وصناعة الكمامات وتوزيعها.

وسط مدينة حومة السوق، التقينا “اماني زعيزع”، امرأة ثلاثينية اصيلة المدينة ومقيمة في تطاوين. تقول أماني: “خلال الموجة الأولى من جائحة كورونا وبعد تصنيف جزيرة جربة بؤرة ساعدتني خليّة الأزمة في الخروج من الجزيرة والالتحاق بزوجي وابنتي عندما أُغلقت منافذ جربة، كما التمست ترابطا كبيرا بين الفريق الذي تواصلت معه”.

وأضافت: “أمّا هذه الفترة الحاليّة توقّعتُ أن أجد مجهودا مضاعفا غير أنّي لم أر ذلك سوى من خلال بعض الحملات التوعويّة حول التلقيح في الشُارع وفي مواقع التواصل الاجتماعي”.

وتعتبر نتيجة عمل خلية الأزمة مُذهلة سواء في مساعدة العالقين داخل أو خارج الجزيرة أو في جمع التبرّعات لمستشفى الصادق مقدم تحت إشراف وداديّة الأطباء ففي أقل من سنة شُيّد قسم الكوفيد بمستشفى الصادق مقدم وهو نتاج لهبة جماعية للأهالي من داخل الجزيرة ومن خارجه البلاد بنسبة 80%.

ومع تواصل مجهودات الناشطين المدنيين في محاربة “كورونا”، سجّلت الجهة تقلص عدد الإصابات من خلال كسر حلقات العدوى خلال السنة الفارطة، وخلال العام الجاري أكتفت العديد من الجمعيّات المدنيّة -التي كانت ضمن خلية الأزمة – بالعمل بصفة فردية مثل جمعية “الشبّان والعلم” التي قامت بالتعامل مباشرة مع المستشفى، أما باقي الجمعيات فمنها من يعمل بصفة فردية فيما انسحبت جمعيات أخرى من خليّة الأزمة كما استجابت العديد من الجمعيات لنداء البلدية حول اعادة تفعيل الخلية.

يشير “عدنان لفيظة” العضو في خلية الازمة الى ان الجمعيات الناشطة في الخليُة اجتمعت مع البلديّة في جانفي 2021 واتفقت على إعادة الهيكلة منذ تفشّي الموجة الثانية. وأوضح: “اجتمعنا منذ أيام مع البلدية وأكّدنا على وضع خارطة طريق لتخطّي الأزمة مثل النجاح الكبير الذي قمنا به العام الماضي في السيطرة على الفيروس”.

قامت العديد من الجمعيات خلال هذا الاجتماع بطرح مجموعة من المقترحات مثل منصّة إلكترونية لتجميع أجهزة التّنفّس إضافة الى تفعيل الخط الأخضر داخل مقرّ البلديّة .

على مستوى الرسمي، قال مراد الميساوي، رئيس الدائرة البلدية بحومة السوق”البلديّة ترنو إلى تحقيق نفس النجاح الذي حققته خلية الأزمة سنة 2020، أين كان هناك تنسيق مُحكم بين أفراد المجموعة وبين بلديات الجزيرة الثلاث، فقد تمّ تفعيل الاتفاق الذي وقّعته البلديّات سنة 2018 حول العمل المشترك”.

وبحسب المسؤول في بلدية حومة السوق، فإن “الاجتماع الذي نُظّم يوم 15 جويلية بمقر البلديّة بحضور معتمد الجهة والجمعيات لم يخلُص إلى قرارات جريئة”.

آجيم .. مبادرات جمعياتية تُعوّض خلية الأزمة

غير بعيد على منطقة حومة السوق، يبدو الوضع مغايرا بعض الشيء في معتمديه ٱجيمحيث غابت خلية الازمة لهذا العام ليقتصر العمل فقط على بعض الجمعيات التي تقوم بتوعية المواطنين بضرورة التلقيح.

قال عبد رؤوف بن تمنصورت، قائد فوج الكشافة بالصرنديٱجيم “خليّة الأزمة عملت بتنسيق محكم خلال الموجة الاولى وحققت نجاحات مبهرة في العمل الميداني وفي زرع ثقافة العمل التشاركي مع البلدية لكن هذه الفترة وبالرغم من عمل بعض الجمعيات وعمل البلدية المتواصل لم نصل الى عمل مكثف او مشترك الى حد الان”.

راضية لغوان، رئيسة بلدية آجيم تشيد بدورها بعمل خلية الازمة في التصدي للفيروس لكنها لم تلحظ تحمسا من الجمعيات والمنظمات في العمل المشترك مع البلدية، لذلك اكتفت بالتركيز على عملها البلدي، وفق تعبيرها .

ميدون .. نجاح إستثنائي

بدت تجربة بلدية ميدون الأكثر نجاعة خاصة مع تواصل خلية الازمة للعام الثاني على التوالي دون أي توقف.

يعتبر مواطنوميدون بأن تجربة خلية الازمة في جهتهم مختلفة عن باقي البلديات لأنها لم تتوقف منذ العام الماضي.

كما ساهم نجاح تجربة سنة 2020 في السيطرة على الوباء خلال الموجة الاولى في وقت وجيز لم يتجاوز العشرين يوما، فبالرغم من بلوغ تونس الموجة رابعة من انتشار فيروس كورنا في البلاد فإن مدينة ميدون لم تشهد الارتفاع المفرط لعدد حالات الإصابة، وتمت دعوة كل الجمعيات التي نشطت في السابق يوم 13 جويلية وتم اتخاذ العديد من التدابير.

وأوضح الناطق باسم خلية الأزمة في مدينة ميدون حسان لسود “بدا الأمر اكثر سهولة من العام الفارط، حيث مهد لنا النجاح الذي حققناه في الموجة الأولى من خلال الجلسات التقييميةدائمة الانعقاد، في استئناف عمل الخلية حيث سنقوم بمساعدة مركز التلقيح والتوعية بأهمية التطعيم”.

وبدوه يؤكد لسعد الحجام، رئيس بلدية ميدون، على أهمية العمل التشاركي صلب خلية الازمة بالمدينة، ويقول: ” تم تقسيم الأدوار بين مختلف الجهات على شاكلة لجان كما فعلت باقي بلديات، وتدخل الخلية لم يرتكز فقط على مدينة ميدون بل تدخلنا في اكثر من مناسبة في باقي البلديات”.
اما عن جلسة 13 جويلية، أشار رئيس بلدية ميدون “سعينا إلى توفير آلات الأوكسيجين من خلال التواصل الدائم عبر الرقم الأخضر في انتظار تجهيز شبكة أوكسيجين جدارية ستوفر الكثير للجهة وستغطي أيضا احتياجات الجزيرة ويأتي ذلك في اطار اتفاق تعاون مع بلدية “شرتل الالمانية”.

وللتذكير، فقد فرضت بلدية ميدون خلال الموجة الأخيرة مجموعة من الإجراءات ومنها منع الانتصاب في الأسواق الأسبوعية ومنع حفلات الزفاف.

انجز هذا العمل في اطار دورة تدريبية لبرنامج مراسلو الديمقراطية المحلية تحت اشراف المنظمة الدولية للنظم الانتخابيةIFES   ; حيث يهدف هذا البرنامج إلى المساهمة في تأسيس صحافة محلية ناجعة عبر شبكة من المراسلين والمراسلات المحليين.

عمل صحفي للزميلة جازية نومة

 

قائمة الموبايل